قال تعالى: "إنَّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"(1).
إن أهم موقع تقام فيه صلاة الجماعة هو المسجد، وهو المكان المخصص للقاء المؤمنين، والمسجد أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله تعالى يوم القيامة هجرانهم واعتزال الناس عنهم، وما ذلك إلاّ لضعف الإيمان بالله وقلة النظر لليوم الآخر كما جاء في صريح الآية المباركة، فأصبحت عمارة المسجد والصلاة وعدمه دليلاً على صدق وكمال إيمان العبد وعدمه.
والفائدة المتوخاة من ارتياد المسجد والصلاة فيه وطول المكوث أعظم من كل ما يمكن أن يتحقق للإنسان من فوائد أخرى في حياته الدنيا.
عن هذه الفوائد يقول أمير المؤمنين ?: "من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله عزَّ وجل، أو علماً مُسْتَطرفاً، أو آية مُحكمَّة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن سوء، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً".
إن أهمية النتائج لإرتياد المسجد تبرز في مقابل خطر التخلُّف عنه وهجرانه، وهو ما ابتليت به الأمة دون أن تشعر بعواقبه لذلك نرى إمام الرحمة (ص) يتدارك الأمر ليقرع ناقوس الخطر ليخرج الناس من بيوتها ولو عنوة وبالضغط فيشبه الحال في خطابه لقوم كانوا يتباطئون عن المسجد في صلاتهم.
"ليوشك قوم يَدَعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فيوقد عليهم نار فيحرق عليهم بيوتهم".
"مساجدكم متاريسكم فاملأوا متاريسكم"(2).
آداب المسجد:
نظراً لأهمية دور المسجد والفوائد الجليلة التي تتضمنها حركة الزيارة اليومية والمتكررة إليه، ولأنَّه موضع نظر الرحمن ومورد عنايته وبركاته ومهبط ملائكته، جعل تعالى لكل مسجد آداب وتحية.
فآدابه:
دخوله على طهارة، وإتيانه مبكراً وسماع الآذان فيه، والخروج منه متأخراً متمهلاً، ودخوله بالقدم اليمنى مع الدعاء: "بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلّ على محمد وآل محمّد وافتح لنا أبواب رحمتك واجعلنا من عمَّار مسجدك".
والخروج منه بالقدم اليسرى مع الدعاء: "اللهم صلّ على محمد وآل محمد وافتح لنا باب فضلك".
ومن آدابه عدم رفع الصوت فيه، وعدم الكلام بأمور الدنيا، والانشغال بالصلاة والذكر، والدعاء وقراءة القرآن، وفي الحديث عن النبي (ص): "يكون في آخر الزمان أناس من أمتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقاً، ذكرهم الدنيا وحب الدنيا، لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة".
أما تحية المسجد فصلاة ركعتين تقرباً وزلفى لأداء حق بيت الله المكرَّم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع وليدعُ الله عقيبها، وليصلِّ على النبي ودعا الله وسأله حاجته" رسول الله (ص).