الزعيم نائب مدير
عدد الرسائل : 252 العمر : 32 البلد : الصومال المهنة : الأوسمة : تاريخ التسجيل : 02/06/2008
| موضوع: إمام العلماء يوم القيامة ( معاذ بن جبل ) الخميس يونيو 05, 2008 4:05 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
[size=12] اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم سلسلة رجال حول الرسول -3 معاذ بن جبل أعلمهم بالحلال والحرام عندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبايع الأنصار بيعة العقبة الثانية. كان يجلس بين السبعين الذين يتكوّن منهم وفدهم، شاب مشرق الوجه، رائع النظرة، برّاق الثنايا.. يبهر الأبصار بهاؤه وسمته. فإذا تحدّث ازدادت الأبصار انبهارا..!! ذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه.. هو إذاً رجل من الأنصار، بايع يوم العقبة الثانية، فصار من السابقين الأولين. ورجل له مثل أسبقيته، ومثل إيمانه ويقينه، لا يتخلف عن رسول الله في مشهد ولا في غزاة. وهكذا صنع معاذ.. على أن أعظم خصائصه، كان فقهه.. بلغ من الفقه والعلم المدى الذي جعله أهلاً لقول الرسول صلى الله عليه و سلم عنه: " أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل".. وكان شبيه عمر بن الخطاب في استنارة عقله، وشجاعة ذكائه. سأله الرسول حين وجهه إلى اليمن: " بما تقضي يا معاذ؟" فأجابه قائلا: " بكتاب الله".. قال الرسول: " فإن لم تجد في كتاب الله"..؟ "أقضي بسنة رسوله".. قال الرسول: " فإن لم تجد في سنة رسوله"..؟ قال معاذ:" أجتهد رأيي، ولا آلوا".. فتهلل وجه الرسول وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".. وإن الروايات التاريخية لتصوره العقل المضيء الحازم الذي يحسن الفصل في الأمور.. فهذا عائذ الله بن عبد الله يحدثنا انه دخل المسجد يوماً مع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول خلافة عمر..قال: " فجلست مجلساً فيه بضع وثلاثون، كلهم يذكرون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحلقة شاب شديد الأدمة، حلو المنطق، وضيء، وهو أشبّ القوم سنا، فإذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردّوه إليه فأفتاهم، ولا يحدثهم إلا حين يسألونه، ولما قضي مجلسهم دنوت منه وسألته: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا معاذ بن جبل". ولقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يستشيره كثيراً.. وكان يقول في بعض المواطن التي يستعين بها برأي معاذ وفقهه: " لولا معاذ بن جبل لهلك عمر".. ويبدو أن معاذ كان يمتلك عقلاً أحسن تدريبه، ومنطقاً آسراً مقنعاً، ينساب في هدوء وإحاطة،، فحيثما نلتقي به من خلال الروايات التاريخية عنه، نجده كما أسلفنا واسط العقد.. فهو دائما جالس والناس حوله.. وهو صموت، لا يتحدث إلا على شوق الجالسين إلى حديثه،،وإذا اختلف الجالسون في أمر، أعادوه إلى معاذ ليفصل فيه.. فإذا تكلم، كان كما وصفه أحد معاصريه: " كأنما يخرج من فمه نور ولؤلؤ".. ولقد بلغ كل هذه المنزلة في علمه، وفي إجلال المسلمين له، أيام الرسول وبعد مماته، وهو شاب.. فلقد مات معاذ في خلافة عمر ولم يجاوز من العمر ثلاثاً وثلاثين سنة..!! وكان معاذ سمح اليد، والنفس، والخلق.. فلا يسأل عن شيء إلا أعطاه جزلان مغتبطاً..ولقد ذهب جوده وسخاؤه بكل ماله. ومات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعاذ باليمن منذ وجهه النبي إليها يعلم المسلمين ويفقههم في الدين.. وفي خلافة أبي بكر رجع معاذ من اليمن، وكان عمر قد علم أن معاذ أثرى.. فاقترح على الخليفة أبي بكر أن يشاطره ثروته وماله..! ولم ينتظر عمر، بل نهض مسرعا إلى دار معاذ وألقى عليه مقالته.. كان معاذ ظاهر الكف، طاهر الذمة، ولئن كان قد أثري، فانه لم يكتسب إثما، ولم يقترف شبهة، ومن ثم فقد رفض عرض عمر، وناقشه رأيه..وتركه عمر وانصرف.. وفي الغداة، كان معاذ يطوي الأرض حثيثا شطر دار عمر.. ولا يكاد يلقاه.. حتى يعانقه ودموعه تسبق كلماته وتقول: " لقد رأيت الليلة في منامي أني أخوض حومة ماء، أخشى على نفسي الغرق.. حتى جئت وخلصتني يا عمر".. وذهبا معاً إلى أبي بكر.. وطلب إليه معاذ أن يشاطره ماله، فقال أبو بكر:" لا آخذ منك شيئا".....فنظر عمر إلى معاذ وقال:" الآن حلّ وطاب".. ما كان أبو بكر الورع ليترك لمعاذ درهماً واحداً، لو علم أنه أخذه بغير حق.. وما كان عمر متجنياً على معاذ بتهمة أو ظن.. وإنما هو عصر المثل كان يزخر بقوم يتسابقون إلى ذرى الكمال الميسور، فمنهم الطائر المحلق، ومنهم المهرول، ومنهم المقتصد.. ولكنهم جميعا في قافلة الخير سائرون. ويهاجر معاذ الى الشام، حيث يعيش بين أهلها والوافدين عليها معلماً وفقيهاً، فإذا مات أميرها أبو عبيدة الذي كان الصديق الحميم لمعاذ، استخلفه أمير المؤمنين عمر على الشام، ولا يمضي عليه في الإمارة سوى بضعة أشهر حتى يلقى ربه مخبتاً منيباً.. وكان عمر رضي الله عنه يقول: " لو استخلفت معاذ بن جبل، فسألني ربي: لماذا استخلفته؟ لقلت: سمعنا نبيك يقول: إن العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل ، كان معاذ بين أيديهم".. والاستخلاف الذي يعنيه عمر هنا، هو الاستخلاف على المسلمين جميعاً، لا على بلد أو ولاية.. فلقد سئل عمر قبل موته: لو عهدت إلينا..؟ أي اختر خليفتك بنفسك وبايعناك عليه.. فأجاب قائلا: " لو كان معاذ بن جبل حياً، ووليته ثم قدمت على ربي عز وجل، فسألني: من ولّيت على أمة محمد، لقلت: ولّيت عليهم معاذ بن جبل، بعد أن سمعت النبي يقول: معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة". قال الرسول صلى الله عليه وسلم يوماً: " يا معاذ.. والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول في عقب كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".. أجل اللهم أعنّي.. فقد كان الرسول دائب الإلحاح بهذا المعنى العظيم الذي يدرك الناس به أنه لا حول لهم ولا قوة، ولا سند ولا عون إلا بالله، ومن الله العلي العظيم.. لقيه الرسول ذات صباح فسأله: "كيف أصبحت يا معاذ"..؟؟ قال: " أصبحت مؤمناً حقا يا رسول الله". قال النبي: :إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك"..؟؟ قال معاذ: " ما أصبحت قط، إلا ظننت أني لا أمسي.. ولا أمسيت مساء إلا ظننت أني لا أصبح.. ولا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتبعها غيرها.. وكأني أنظر إلى كل امة جاثية تدعى إلى كتابها.. وكأني أرى أهل الجنة في الجنة ينعمون.. وأهل النار في النار يعذبون.." فقال له الرسول: " عرفت فالزم".. أجل لقد أسلم معاذ كل نفسه وكل مصيره لله، فلم يعد يبصر شيئا سواه.. ولقد أجاد ابن مسعود وصفه حين قال: "إن معاذ كان أمّة، قانتاً لله حنيفاً، ولقد كنا نشبّه معاذ بإبراهيم عليه السلام".. كان معاذ يرى العلم معرفة وعملاً ،، فيقول: " تعلموا ما شئتم أن تتعلموا، فلن ينفعكم الله بالعلم جتى تعملوا"..
وكان يرى الإيمان بالله وذكره، استحضاراً دائماً لعظمته، ومراجعة دائمةً لسلوك النفس. يقول الأسود بن هلال: " كنا نمشي مع معاذ، فقال لنا: اجلسوا بنا نؤمن ساعة".. وحان أجل معاذ، ودعي للقاء الله... وفي سكرات الموت تنطلق عن اللاشعور حقيقة كل حي، وتجري على لسانه ،إن استطاع الحديث، كلمات تلخص أمره وحياته.. وفي تلك اللحظات قال معاذ كلمات عظيمة تكشف عن مؤمن عظيم. فقد كان يحدق في السماء ويقول مناجياً ربه الرحيم: " الهم إني كنت أخافك، لكنني اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحبّ الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار.. ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات، ونيل المزيد من العلم والإيمان والطاعة".. وبسط يمينه كأنه يصافح الموت، وراح في غيبوبته يقول: " مرحبا بالموت.. حبيب جاء على فاقه".. وسافر معاذ إلى الله... رضي الله عن سيدنا معاذ و عن صحابة رسول الله أجمعين و الحمد لله رب العالمين لاتنسونا من دعوة صالحة في ظهر الغيب ... المصدر كتاب رجال حول الرسول للأستاذ خالد محمد خالد رحمة الله عليه ... [/size] | |
|
سونيك عضو مميز
عدد الرسائل : 108 البلد : السودان المهنة : الهوايــة : تاريخ التسجيل : 01/06/2008
| موضوع: رد: إمام العلماء يوم القيامة ( معاذ بن جبل ) الأحد يونيو 22, 2008 1:41 pm | |
| | |
|